نصان لإميل سيوران
علمنة الدموع
فقط منذ بتوهوفن صار لدينا موسيقى موجهة للإنسان ، قبل ذلك كانت تتوجه للإله وحده . باخ والمؤلفون الطليان العظام لم يعرفوا أبدًا هذا الانحطاط اتجاه البشر ، هذه الثورية الزائفة التي جاء بها رجل أصم ليفسد بها أنقى الفنون . انحراف التوجه هذا سمحَ بتسلل الميوعة ، تناقض المشاعر ، السمو الساذج ، نوبات الغضب والتنهيدات الرتيبة إلى الموسيقى ؛ فاختفتِ الجنة منها وظهر الإنسان منتصبًا مكانها . حيثُ تجلتِ الخطيئة ذات مرة عبرَ فيضٍ من الدموع الأنيقة ، تعرض الآن بحيث تثير الحماسة للصلاة ، وانتصرت رومانتيكية السقوط على الحلم المتماهي مع الانفصال . . .
باخ : إنه وهن النشأة ، سلمٌ من الدموع تصعد عليه أحاسيسنا إلى الله ، هندسة معمار هشاشتنا ، ذوبان إيجابي لإرادتنا رغمًا عنا ، إلاهي مفسد بالأمل ؛ المقام الوحيد الذي ندمر فيه أنفسنا على كيفنه من دون كارثة ونختفي فيه من دون أن نموت .
هل فات الأوان لأن نعيد تعلم موت كهذا ؟ أم أن علينا أن نتداعى ونترنح من دون الاستفادة من أوتار الأرغن ؟
نظرية الصلاح
“ بما إنك لا تعترف بأي معيارٍ مطلق ولا بأي مبدأ مُلزم ، ولا بالله ؛ فما الذي يمنعك إذن من ارتكاب جريمة أو كل الجرائم ؟ “
أجدُ نفسي شريرًا مثل الجميع ، ولكن الأفعال المقيتة هي أم كل الرذائل - وأنا لستُ سببًا في معاناة أحد .
مسالمٌ بلا جشع ، أفتقر للطاقة والبذاءة اللازمة لإهانة الآخرين ، أنا أترك العالم كما وجدته ! . لتأخذ ثأرًا يقتضي أن يكون لديك يقظة مستمرة وعقلاً منهجيًا ، استمرارية مكلفة ، في حين أن لامبالاة المغفرة والازدراء تجعلان الساعات تمر فارغة على نحو مسل . كل الأخلاقيات تمثل خطرًا على الصلاح ، وحدها اللامبالاة تنقذنا . باختياري فتور المخبول وزهد الملاك ؛ فقد استبعدتُ نفسي من الأفعال ، وعليه فالصلاح لا يتعارض مع الحياة ، لقد أفسدتُ نفسي بما يكفي لأن أكون صالحًا .
من:
Précis de décomposition - ترجمة شيفا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق