اقتباسات الجريمة والعقاب
فيدور دوستويفسكي
الجزء الثاني
" لستُ في حاجةٍ إلى أن ألفت نظرك إلى أن بعض النساء يشعرن بلذة قوية حين تُلحق بهنَّ إهانة ، مهما يكن غضبهن الظاهر منها . بل إن جميع الناس يعرفون هذا النوع من العواطف : فالنوع الإنساني يحب الإهانات كثيرا ، هل لاحظت هذا ؟ ولكن النساء يحببنها حبا خاصا ، حتى ليمكن أن يقال أنهن لا يمكن أن يعشن بغير إهانات أو إساءات ."
" يقال لك عادةً : " أنت مريض ، وكل ما تراه إذاً ليس إلا نتيجة هذيانك ". ولكن هذا يعوزه المنطق الدقيق الصارم . أنا أسلِّم بأن الرؤى لا تظهر إلا للمرضى ، ولكن هذا يبرهن على أن الرؤى لا يمكن أن تظهر إلا للمرضى ، دون أن يبرهن على أن الرؤى لا وجود لها في ذاتها ."
" أنت تعتقد بأن لا وجود لها ؟ ولكن إذا فكَّرنا في الأمر على النحو التالي ( ساعدني من فضلك ) : " الأرواح العائدة أجزاء من عوالم أخرى هي بداية هذه العوالم إن صح التعبير . والإنسان السليم المعافى ليس في حاجة بطبيعته إلى أن يراها ، لأن الإنسان السليم المعافى ينتمي إلى هذه الحياة الدنيا قبل كل شيء ، وعليه إذاً أن يحيا هذه الحياة الأرضية وحدها ، في سبيل النظام والانسجام . ولكن ما إن يمرض هذا الإنسان ، ما إن يختل النظام الأرضي والطبيعي في جسمه حتى تتجلى على الفور إمكانية عالم آخر ، وكلما ازداد مرضه ازدادت اتصالاته بذلك العالم الآخر ، فإذا مات انتقل إلى ذلك العالم الآخر رأسا " .
" نحن نتصور الأبدية دائما على أنها فكرة لا نستطيع أن نفهمها ، على أنها شيء ضخم ، ضخم ! ولكن لماذا تكون شيئا ضخما بالضرورة ؟ تصوَّر فجأة أنه ليس هناك ، بدلا من هذا كله ، إلا حجرة صغيرة ، إلا شيء يشبه حَمَّاما في قرية ، يملؤه الدخان وتنتشر العناكب في جميع أركانه ، وتصوَّر أن هذا هو الأبدية كلها . أنا مثلا إنما تبدو لي الأبدية في هذه الصورة أحيانا ".
" لعلمي بأن الناس أغبياء ، لماذا أكون غبيا مثلهم لا أحاول أن أكون أذكى منهم ؟ وأدركت بعد ذلك (..) أنه إذا وجب انتظار اللحظة التي يصبح فيها الناس إذكياء ، فلا بد من إضاعة وقت طويل . ثم رأيت أن هذا لن يكون أبدا ، فالناس لن يتغيروا في يوم من الأيام ، وما من أحدٍ يملك أن يغيَّرهم ، فلا داعي إلى إضاعة الوقت في محاولة ذلك . نعم ، تلك هي حالهم ، وذلك هو قانونهم (...) وإني لأعلم الآن يا صونيا أن من كان قوي النفس والعقل ، فذلك هو سيَّدهم ، وذلك هو مولاهم ! من كان يملك جرأة كبيرة ، فذلك هو الذي له الغلبة عليهم ! من كان يبصق على الأشياء أكثر من غيره ، فذلك هو عندهم المشرِّع ! من كان يتمتع بأكبر جسارة ، فذلك هو الذي يهبون له جميع الحقوق ! هذا ما كان من قديم الزمان ، وهذا ما سيبقى إلى آخر الدهر ! الأعمى وحده لا يبصر هذه الحقيقة ! ".
"
الجرأة هي كل شيء !
لقد بدا لي واضحا وضوح النهار ، على حين فجأة ، أنه ما من أحد قد تجرأ ولا يتجرأ ، حين يرى بطلان العالم ، أن يمسك الشيطان من ذيله ببساطة ، فيرسله إلى جهنم ! أما أنا، أما أنا . . . فقد أردتُ أن أجرؤ فقتلتُ ! إنني حين قتلت لم أرد يا صونيا إلا أن أجرؤ ! ذلك هو السبب الذي جعلني أقتل ّ ".
" إن للفسق شيئا ثابتا يقوم على الطبيعة الإنسانية ولا يخضع لنزوات الخيال ، شيئا باقيا مستمرا في الدم ، كجذوة متوهجة ، مستعدة في كل لحظة لأن تلتهب ، لا تنطفئ في وقت مبكِّر ، بل لا تقضي عليها السنون ".
" لئن لم يكن في العالم شيء أصعب من الصدق والصراحة ، فلا شيء في العالم أسهل من التملق . فالصدق إذا اندس فيه عشر معشار من كذب ، سرعان ما يخالطه نشاز فتقع فضيحة . أما التملق فإنه إذا كان كذبا من أوله إلى آخره ، يظل سارا وممتعا ، فالشخص يصغي إليه شاعرا بلذة إن لم تكن لذة سامية على كل حال . ومهما يكن التملق مفضوحا فإن نصف المديح على الأقل ينطلي على الممدوح . يصدق هذا على جميع طبقات الناس في المجتمع وجميع المستويات العقلية ".
" أيكون جريمة قتل قملة قذرة ضارة ، قتل عجوز لا يحتاج إليها أحد ، مرابية تمتص دم الفقراء ؟ ألا إن قتلها ليمحو أربعين خطيئة ! لا أظن أن هذا الفعل جريمة ، ولا أريد أن أتطهّر منه وأكفّر عنه ".
" إن كل من يخفق يبدو غبيا أحمقا ".
" أنا شرير ! واضح أنني شرير ! . . . ولكن لماذا يحبّونني كل هذا الحب ما دمت لا أستحقه ؟ آه . . . لو كنت وحيدا ، لو لم يكن هناك أحد يحبني ، ولو لم أحب أحدا أبدا إذاً لما حدث شيء من ذلك كله ".
من الجريمة والعقاب -ترجمة سامي الدروبي
اقتباسات من البومة العمياء
صادِق هدَايت
صادق هدايت عن نفسه :
" . . .مهما يكن فليس في تاريخ حياتي ما يلفت النظر ، لم يحدث فيها ما هو جدير بالانتباه ، ليس لي منصب هام ، ولا أنا من حملة الشهادات العظيمة ، لم أكن أبدا طالبا بارزا ، على العكس ذلك كان نصيبي دائما هو عدم التوفيق ، ومهما كنتُ أعمل كنتُ أبقى خاملا ورؤسائي غير راضين عني ، ربما لو استقلت لرضوا ."
" أما الخلاصة فهي أنني صُدِمتُ من كل شيء وتعبت ولا مناص من أن تتحطم أعصابي ، إنني أصلُ النهار بالليل كأنني محكوم عليه بالإعدام أو أسوأ ، وقد نفضتُ يديّ من حصيلة كل شيء ، لا أستطيع أن أشتاق ثانية لشيء ، ولا أن أعلق قلبي بشيء ، ولا أن أخدع نفسي ، ولا أجد الجرأة على الانتحار ."
البومة العمياء :
" في الحياة جراحٌ كالجذام . . . تأكلُ الروح ببطء . . . وتبريها في انزواء ، هذه الآلام لا يمكن اظهارها لإنسان ، إذ أن البشر عموما ألفوا اعتبار هذه الآلام التي لا تصدق نوعا من الاتفاقات والأحداث النادرة العجيبة ، ولو أن إنسانا تحدث بها أو كتب عنها ، فإن الناس يحاولون تلقيها ببسمة شائكة ساخرة تمشيا مع العقائد الجارية ومعتقداتهم الشخصية ، وذلك لأن البشر - حتى الآن - لم يكتشفوا لها علاجا أو دواء ، ودوائها الوحيد هو نسيانها عن طريق الشراب أو النوم المصطنع بواسطة الأفيون والمخدرات . ولكن ما يؤسف له أن تأثير هذا النوع من الأدوية مؤقت وبدلا من أن يسكن الآلام يزيد من وطأتها بعد فترة ."
" هل يستطيع إنسان - في يوم ما - أن يقف على أسرار هذه الاتفاقات الميتافيزيقية ، هذا الانعكاس لظل الروح الذي يتجلى في حالة الإغماء والبرزخ بين النوم واليقظة ؟ ."
" (...) عثرتُ على حقيقة هي أن ورطة هائلة توجد بيني وبين الآخرين ، وفهمت أنه ينبغي علي أن أخلد إلى الصمت إلى أقصى حد ممكن ، وإلى أقصى حد ممكن يجب أن أحتفظ بأفكاري لنفسي ، وإذا كنتُ الآن قد قررت أن أكتب فهذا راجع إلى أنه يجب أن أُعرفَ نفسي لظلي . . الظل المنحني على الحائط وكأنه يتجرع كل ما أكتب باشتهاء بالغ ."
" أفكار فارغة ! لتكن - ولكنها تعذبني أكثر من أية حقيقة ."
" أهولاء الناس لا يخدعونني ؟ أليسوا حفنة من الظلال أتت للوجود سخرية مني ومن أجل خداعي ؟ أليس كل ما أحس به وأراه وأقومه وهماً جميعه يختلف عن الحقيقة اختلافا كبيرا ؟ ."
" بدا لي وكأنني كنتُ أعرف اسمها قبل ذلك ، كانت شرارة عينها ولونها ورائحتها وحركاتها تبدو غير غريبة عني ، وكأنما كانت روحي وروحها في الحياة الأولى وفي عالم المثال متجاورتين ومن أصل واحد ومادة واحدة ، وكان ينبغي أن يلحق كل منا بالآخر وأن نتوحد (...) ألا يشعر العاشقان دائما بنفس هذا الإحساس وهو أن كليهما قد رأى الآخر قبل اللقاء ، وأن رابطة خفية كانت قد وجدت بينهما ؟ ."
" كنتُ أريد وآمل من كل قلبي أن أسلم نفسي إلى نوم النسيان ، ولو صار هذا النسيان ممكنا ولو استطاع أن يدوم ، لو أن عيني المغمضتين فيما وراء النوم انصرفتا رويدا رويدا إلى العدم التام ، ولا أعود أحس بوجودي بعد ، ولو كان ممكنا أن يمتزج كل وجودي في بقعة حبر أو في لحن موسيقى أو في شُعاع ملون ، ثم تَنمحي كل هذه الأمواج والأشكال بكل توسعها وكبرها ، لكنتُ بلغت أملي . "
" أستطيع فقط مع ظلي أن أتحدث جيدا ، هو الذي يحملني على الكلام ، هو فقط الذي يستطيع أن يعرفني ، إنه يفهم حتما . .. "
" (...) أنا لا أطمئن إلى شيء . فأنا من كثرة الأشياء المتناقضة التي رأيتها ، والكلمات المتباينة المتنوعة التي سمعتها ، ومن كثرة ما رأت عيني أصبحت تحار في ظواهر الأشياء المختلفة - هذه القشرة الرقيقة الصلبة التي تختفي خلفها الروح - لم تعد تؤمن بشيء ، بثقل الأشياء وثبوتها ، وأشك الآن حتى في الحقائق الواضحة الجلية ، ولا أدري هل إذا نقرتُ بإصبعي على الهاون الحجري الموجود في فناء داري فسألته : هل أنت ثابت وراسخ وأجاب بأنه ثابت ، لا أدري - هل أصدق حديثه أم لا ؟ هل أنا مخلوق منفصم أو مخلوق بعينه ؟ لا أدري - ولكني الآن نظرت في المرآة فلم أتعرف على نفسي ، لا ، هذه الــ"أنا" السابقة ماتت وتحللت ، لكن لا سد ولا برزخ بيني وبينها . "
" (...) الماضي والمستقبل والساعة واليوم والشهر والسنة كلها أصبحت عندي سواء - وليستِ المراحل المختلفة من طفولة وكهولة بالنسبة لي إلا حديث خرافة ، ولكنها تصدق فقط على الناس العاديين ، على " الأوباش" . (...) حياتي كلها كانتْ فصلا واحدا يجري على نسق واحد وكأنها مضت في منطقة باردة وفي ظلام أبدي ، بينما كان هناك وسط جسدي مشعلة تحترق وتذيبني كالشمع . "
" أليستِ الحياة بأكملها قصة مضحكة ، أسطورة حمقاء لا تُصدق ؟ . "
" هذا الإحساس كان قد استيقظ في نفسي منذ زمن بعيد ، وهو أنني كنت أتحلل وأنا حيّ
، ولم يكن هناك توافق بين جسمي وقلبي ، وليس هذا فحسب ، بل بين روحي وقلبي - كنتُ أجتاز دائما نوعا من التحلل والفصام الغريب ، وأحيانا كنت أفكر في أشياء لا أستطيع أنا نفسي أن أصدقها . أحيانا يتولد في نفسي حسٌ بالشفقة في حين أن عقلي يلقي باللوم علي ، وكثيرا ما كنت أتحدث إلى شخص ، أو أقوم بعمل ما ، أو أدخل في مناقشة حول موضوعات مختلفة في حين أن كل حواسي في مكان آخر ، وكنت من أعماق قلبي ألوم نفسي -كنتُ كتلةً من الانفصام والتحلل . وكأنني كنت وسأكون دائما . . . مزيجا عجيبا لا تناسب فيه ."
" ومما لا يقبل الاحتمال أنني كنتُ أحس أنني بعيدٌ عن كل الناس الذين أراهم وأعيش بينهم ."
" لا أدري لماذا كانتْ حياة الآخرين ومسراتهم المتنوعة تصيبني بالغثيان في حين أنني كنتُ أعلم أن حياتي قد انتهت ، وأنها تذوب بطريقة مؤلمة وببطء . أية علاقة تجعلني أفكر في حياة الحمقى والأوباش الذين كانوا في صحة جيدة ، وكانوا يأكلون وينامون جيدا ويضاجعون جيدا ، ولم يكونوا قد أحسوا قط بذرة من آلامي ، ولم ترفرف أجنحة الموت كل دقيقة على رؤوسهم ووجوههم ."
" حياتي كانت تتغير كل يوم وكل دقيقة ، وكان يبدو لي أن طول الزمن والتغيرات التي يمر بها البشر في سنوات ، كانت بالنسبة لي في سرعة السير والأحداث مضاعفة آلاف المرات وأكثر سرعة ، في حين أن مسراتها ولذائذها كانت تسير في خط عكسي وتسرع نحو الصفر أيضا ، هناك أشخاص يبدأون الاحتضار في سن العشرين ."
" (...) الأفيون ، ياله من دواء غالِ الثمن من أجل حياتي المؤلمة ! ."
" ليس كتاب الأدعية فحسب بل كل كتب الأوباش وكتاباتهم لا تهمني ، أية حاجة لي بترهاتهم وحيلهم ؟ (...) لم يحدث لي في أي وقت مضى أن أحدث المسجد وصوت الأذان والوضوء والمضمضة والركوع والقيام أمام قادر متعال وصاحب اختيار مطلق ينبغي أن نخاطبه بالعربية ، لم يحدث ذات مرة أن كان لكل هذا أثر فيّ ."
" لم أكن أريد أن أعرف : هل الله موجود في الحقيقة أم أنه فقط مظهر لأصحاب السلطة على الأرض جعلوه لتثبيت مقام الأُلوهية من ناحية واستغلال رعاياهم من ناحية أخرى - صورة انعكست من الأرض إلى السماء - كنتُ أريد أن أعلم فقط هل سأصلُ النهار بالليل أم لا - كنت أحس أنه في مواجهة الموت كم يكون الدين والإيمان والعقيدة أشياء طفولية وتافهة وتقريبا نوع من العزاء للناس الأصحاء السعداء - وفي مواجهة حقيقة الموت المخيفة والحالات المذيبة للروح التي إجتزتها ، صار كل ما لقنوه لي بالنسبة للثواب والعقاب والروح ويوم القيامة خداعا لا طعم له ، وأصبحت الأدعية التي لقنوها لي لا تجدي فتيلا في مواجهة الموت ."
" الخوف من الموت لم يترك أبدا تلابيبي - إن الأشخاص الذين لم يذوقوا الألم لا يفهمون هاته الكلمات ."
" ولكن ما كان مخيفا أنني كنتُ لست حيا تماما أو ميتا تماما ، كنت فقط جثة متحركة لا علاقة لها بدنيا الأحياء ."
" كنتُ أحس أن كل شيء فارغ ومؤقت ."
" الظلام هذه المادة الكثيفة السيالة التي تسري في كل مكان وكل شيء ."
" ألم تكن حجرتي تابوتا . . . ألم يكن فراشي أبرد وأظلم من القبر ؟ فراشٌ كان دائما ممتدا ويدعوني إلى النوم ! - عدة مرات طرأت لي هذه الفكرة : إنني في قبرٍ - وفي الليل تبدو حجرتي في ناظري صغيرة تضغط علي . ألا يحسون بنفس هذا الإحساس في القبر ؟ . . وهل استطاع لأحد أن يعلم أحساسيس بعد الموت ؟
إذا كان الدمُ يتوقف في الجسد ، وبعد يوم وليلة تبدأ أعضاء البدن في التحلل ، ولكن حتى بعد فترة طويلة من الموت يظل شعر الرأس وأظافر اليد مستمرين في النمو - هل تذهب الأحاسيس والأفكار أيضا بعد توقف القلب أم أنها تظل فترة تواصل الحياة خفيةً من الدم الباقي في العروق الصغيرة ؟ إن حس الموت نفسه مخيف ، فكيف يكون الأمر للذين يحسون أنهم موتى ! ! هناك عجائز يموتون بإبتسامة ، وكأنهم ينتقلون من نوم إلى نوم أو كأنهم سراجٌ ينطفئ . أما بالنسبة لشاب قوي يموت فجأة وتقاتل كل قوى بدنه ضد الموت لفترة ، فأية أحاسيس سوف يحس بها ؟
مرات كثيرة كنتُ أفكر في الموت وفي تجزئة عناصر جسدي بحيث أن هذا التفكير لم يعد يخيفني ، وعلى العكس رغبتُ رغبةً حقيقية في أن أعدم وأفنى ، الشيء الوحيد الذي كنت أخشاه أن تختلط ذرات جسدي بذرات أجساد الأوباش - كان هذا الشيء غير محتمل بالنسبة لي - . "
" إن ما كان يبعث فيّ العزاء هو الأمل في العدم بعد الموت ، كانت فكرة الحياة بعد الموت تخيفني وتصيبني بالملل - أنا حتى الآن لم أكن قد أنست إلى هذه الدنيا التي كنت أحيا فيها فبماذا تفيدني الحياة الأخرى ؟ . "
" إن فكرة الحياة مرة أخرى كانت تخيفني وتصيبني بالملل - لا ، لم تكن بي حاجة لرؤية كل هذه العوالم المقيتة ، وكل هذه السحنات المنكوبة . (...) وإذا كان يجب أن أحيا حياة جديدة ، فإنني كنت أرغب في أن أصير ميت الفكر والإحساس وأن أتنفس دون صعوبة ، وبدون أن أحس بالألم ، (..) وبحيث لا تضر الشمس عيني ، ولا يضايق مسمعي حديث الناس وصوت الحياة . "
" إن الضغط الذي يلصقُ شخصين ببعضها وقت المضاجعة لدفع الِوحدة ، ليس إلا نتيجة لنفس الجانب المختلط بالجنون والموجود في كل فرد ، والمختلط بالأسف الذي يميل ببطء نحو الموت . "
" إنه الموت فقط الذي لا يكذب . . .
إنه حضور الموت الذي يقضي على جميع الأوهام ويفنيها . (...) والموت هو الذي ينقذنا من جميع خِداعات الحياة . "
من البومة العمياء وقصص أخرى ، ترجمة د. إبراهيم الدسوقي شتا
اقتباسات الجريمة والعقاب . الجزء الأول
فيدور دوستويفسكي
"أُفكر في الإقدام على عمل مثل هذا العمل ، ثم أشعر بخوف لأمر تافه هذه التفاهة! نعم ، إن كل شيء موجود لدى الإنسان ، ومع ذلك يدع الإنسان لكل شيء أن يمر تحت أنفه ... وما ذلك إلا لأن الإنسان جبان ... نعم ، هذه بديهية .. إنه لمن الشائق أن نعرف ما الذي يخافه البشر أكثر ما يخافون ... إلا أن ما يخافه البشر أكثر ما يخافون هو أن يتقدموا خطوة إلى الأمام ، هو أن يقولوا كلمة شخصية."
"أيها السيد الكريم ، ليس الفقر رذيلة ، ولا الإدمان على السكر فضيلة ، ... ولكن البؤس رذيلة أيها السيد الكريم ، البؤس رذيلة. يستطيع المرء في الفقر أن يظل محافظا على نبل عواطفه الفطرية ، أما في البؤس فلا يستطيع ذلك يوما ، وما من أحد يستطيعه قط."
" لا بد لكل إنسان من أن يجد ولو مكانا يذهب إليه ، لأن الإنسان تمر به لحظات لا مناص له فيها من الذهاب إلى مكان ما ، إلى أي مكان!. هل تدرك يا سيدي الكريم، هل تدرك ما معنى أن لا يكون للإنسان مكان يذهب إليه؟"
"لا بد لكل إنسان من أن يجد أيضا ، في مكان ما على الأقل ، شخصا يشفق عليه!."
"إن الإنسان يعتاد كل شيء. ياله من حقير!."
"إنه لمن الصعب أن يهمل المرء نفسه إهمالا أشد من هذا الإهمال. ولكن منظر مسكنه هذا ، وهو فيما هو فيه من حالة نفسية خاصة ، كان يمضي إلى حدّ أن يولّد له شيئا من لذّة. كان قد انفصل عن العالم انفصالا حاسما ، وكان يعيش كالسلحفاة المحبوسة في قوقعتها. (...) هكذا شأن بعض الموسوسين الذين تحاصرهم فكرة واحدة ، ويسرف ذهنهم في التركيز على نقطة بعينها."
"إننا نستطيع عند اللزوم أن نخنق حتى إحساسنا الأخلاقي ! إننا نستطيع عند اللزوم أن نحمل إلى السوق كل شيء فنبيعه فيها : الحرية ، الطمأنينة ، وحتى راحة الضمير!."
" (...) أصبح واضحا أن الواجب الذي يقع على عاتقه الآن ليس هو أن يقلق وأن يتألم قاعدا (...) وإنما ينبغي له الآن أن يفعل شيئا بأقصى سرعة ممكنة (..) إن من واحبه أن يتخذ قرارا مهما كلف الأمر ، أيا كان هذا القرار ، أو أن...
ثم صاح يقول فجأة يصوت عال وقد خرج عن طوره :
"... أو أن أستغني عن الحياة ، فأقبل مصيري صاغرا إلى الأبد ، وأخنق في نفسي كل شيء ، وأتنازل عن حقي في أن أعمل ، وأن أحيا ، وأن أُحب!."
"ودَّ لو يغيب عنه وعيه...ودّ لو ينسى كل شيء فما يشعر بشيء ... ثم يستيقظ بعد ذلك فيستأنف حياة جديدة."
" لماذا يُحب الإنسان في المدن الكبرى ، لا بحكم الضرورة بل بدافع الميل ، أن يمكث خاصةَ في الأحياء التي ليس فيها حدائق ولا نوافير مياه ، ولا يسودها إلا الحمأ والعفن والقاذورات؟".
" لقد كان على يقينٍ من أن كل شيء يبارحه ، حتى ذاكرته ، وحتى أية قدرة على التفكير ، فكان ذلك يعذبه عذابا لا طاقة له به . قال يسأل نفسه : " ماذا؟ أيكون الأمر قد بدأ منذ الآن؟ أيكون هذا هو العقاب؟ نعم ، نعم ، هذا هو العقاب!."
" تُرى أين قرأت أن رجلا محكوما عليه بالأعدام قد قال أو تخيَّل قبل إعدامه بساعة أنه لو اضطر أن يعيش في مكان ما ، على قمة ، فوق صخرة ، بموضع لا تزيد مساحته على موطئ قدم ، وكان كل ما حوله هوَّةً سحيقة ، خِضما كبيرا ، ظلماتٍ أبدية ، عزلةً خالدة ، زوابع لا تنقطع ، وكان عليه أن يبقى واقفا على موطئ القدم هذا أبد الدهر ، لظل مع ذلك مؤثرا أن يعيش هذه العيشة على أن يموت فورا ، أن يعيش فحسب ، أن يعيش ! أن يعيش أي عيشة ، ولكن أن يعيش . . نعم ، أين قرأتُ هذا ؟ ما أصدق هذا الكلام ! رباه ، ما أصدق هذا الكلام ! . . . "
" ما حاجتكم دائما إلى أن تغمروا بالنعم أولئك الذين لا يعبؤون بها ، أولئك الذين لا يستطيعون تحملها ؟ لعله كان يسعدني جدا أن أموت. .. ما حاجتكم هذه دائما إلى تعذيب الناس."
" إنك لا تفهم من شؤون الحياة شيئا . لقد حدث لي ألف مرة أن بصقت على الناس ، ثم هرولت أسعى وراءهم . سوف تخجل من هذه العواطف ، وسوف ترجع إلى البشر."
" فها هم أولاء سكان البيت يتجهون نحو الباب واحدا بعد آخر، وهم يشعرون بذلك الإحساس الغريب ، إحساس اللذّة الذي يُلاحَظ دائما حتى لدى أقرب الأقرباء حين يرون شقاءً يحلُ بقريبهم ؛ وهو إحساس لا يخلو منه أي إنسان ، مهما يكن إحساسه بالأسف والشفقة صادقا ."
" إن الخطأ هو الميزة الوحيدة التي يتميز بها الكائن الإنساني على سائر الكائنات الحية . من يخطئ يصل إلى الحقيقة . أنا إنسان لأنني أخطئ . ما وصل امرؤ إلى حقيقة واحدة إلا بعد أن أخطأ أربع عشر مرة وربما مائة وأربع عشر مرة ! وهذا في ذاته ليس فيه ما يُعيب. لك أن تقول آراء جنونية ، ولكن لتكن هذه الآراء آراءك أنت ، فأغمرك بالقبل .لأن يخطئ المرء بطريقته الشخصية ، فذلك يكاد يكون خيرا من ترتيد حقيقة لقَّنه إياها غيره . أنت في الحالة الأولى إنسان ، أما في الثانية فأنت ببغاء لا أكثر . الحقيقة لا تطير ، أما الحياة فيمكن خنقها . (...) نحنُ نحب أن نكرَّرَ ونمضغ أفكار الآخرين ، وتعودنا على ذلك ."
" (...) فإن هذه رغم أنها بلغت الثالثة والأربعين من العمر ، تبدو أصغر سنا من ذلك بكثير بوجهها الذي يحمل بقايا الجمال السابق ، وهذا هو في كثير من الأحيان شأن النساء اللواتي استطعن الاحتفاظ حتى اقتراب الشيخوخة بصحو الذهن ، ونضارة الإحساسات وحرارة القلب الطاهر الشريف ( ولنضف إلى هذا مستطردين أن الاحتفاظ بهذا كله هو للمرأة الوسيلة الوحيدة التي تستطيع بها أن لا تفقد جمالها حين تشيخ ) . "
" إنها تكذب ! يا للمتعجرفة ! إنها لا تريد أن تعترف بإنها تحلم أن تكون محسنة . آه ! يا لهذه الطبائع ! حتى حين يحبون ، فكأنهم يكرهون . آه . . . لشد ما أكرههم جميعا ! . "
" ما أسعد اللذين لا يملكون شيئا يستحق أن يوصدوا عليه الأبواب بالأقفال . "
" إن جميع المؤسسين والمشرِّعين في تاريخ الأنسانية ، من أقدمهم إلى أحدثهم ، مرورا بأمثال ليسورجوس وسولون ومحمد ونابليون وغيرهم ، يمكن أن يوصفوا بأنهم مجرمون ، لأنهم حين أقاموا قانونا إنما خالفوا بذلك قانونا قديما كان يُعَدُّ مقدسا وكان موروثا عن الأسلاف ؛وما كان لهم طبعا أن يمتنعوا عن سفك الدم ( مهما يكن بريئا في بعض الأحيان ، ومهما يكن قد بُذل بذلا بطوليا في سبيل القانون القديم ) حين يسهل سفك الدم هذا مهمتهم ، بل ويحسن أن نلاحظ أن أكثر هؤلاء الرواد أحسنوا إلى الإنسانية وأصلحو المجتمع إنما كانوا أناسا شاذين دمويين . وأوجز فأقول إنهم جميعا ، لا أعظمهم فحسب بل الذين يعلون أقل علوٍ فوق الحد الوسط أيضا ، أي الذين هم قادرون ولو قدرة يسيرة على التعبير عن أفكارهم الجديدة ، إنما كانوا مضطرين بحكم طبيعتهم نفسها إلى أن يكونوا قتلةً ، قليلا أو كثيرا طبعا ، ولولا ذلك لما استطاعوا أن يخرجوا عن الحد الوسط ، وهم بحكم طبيعتهم أيضا ما كان لهم أن يقبلوا البقاء عند هذا الحد الوسط ؛ بل وفي رأيي أنه كان من واجبهم أن لا يقبلوا البقاء عند هذا الحد الوسط ."
" إن الرجال ينقسمون ، بحكم قوانين الطبيعة ، إلى فئتين ، بوجه عام : فئة العاديين الذين الذين لا وجود لهم إلا من حيث إنهم مواد إن صح التعبير ، وليس لهم من وظيفة إلا أن يتناسلوا ، وفئة عليا هي فئة الخارقين الذين أوتوا موهبة أن يقولوا في بيئتهم قولا جديدا . ولا شك أن هناك نقسيمات فرعية لا حصر لعددها ، ولكن السمات المميزة التي تفصل هاتين الفئتين قاطعة . فأما الفئة الأولى ، وهي فئة المواد ، فإن أفرادها ، على وجه العموم ، أناس ، "خُلقوا محافظين" ، أناس معتدلون يعيشون في الطاعة ويحلو لهم أن يعيشوا في الطاعة. وعندي أن عليهم أن يطيعوا ، لأن الطاعة هي ما كُتب لهم ، وليس في طاعتهم ما يسيئ إليهم أو يذل كرامتهم . وأما الفئة الثانية فهي تتألف من رجال يتميزون بأنهم جميعا يكسرون القانون ، بأنهم جميعا مُدمِرون ، أو بأنهم جميعا ميالون إلى أن يصبحوا كذلك بحكم ملكاتهم . وجرائم هؤلاء الرجال تتفاوت خطورتها وتتنوع أشكالها طبعا . وأكثرهم يريدون تدمير الحاضر في سبيل شيء أفضل . فإذا وجب على أحدهم ، من أجل تحقيق فكرته ، أن يخطو فوق جثة ، أو فوق بركة دم ، فإنه يستطيع (في رأيي) أن يعزم أمره على أن يخطو فوق الجثة أو بركة الدم مرتاح الضمير ، وكل شيء رهن بمضمون فكرته ، وبما لها من أهمية طبعا . (...) على أنه لا داعي للقلق كثيرا . فإن الجمهور لا يكاد يعترف لهؤلاء الرجال أبدا بمثل هذا الحق . بالعكس : إن الجمهور يضطهدهم ويشنقهم (كثيرا أو قليلا) ، وهو في هذا يمارس حقّه ، ويقوم بوظيفته كجمهور محافظ ، رغم أن الأجيال اللاحقة من هذا الجمهور نفسه ستخلد ذكر أولئك المضطهدين المُعذَّبين فتقدسهم (كثيرا أو قليلا) . فالفئة الأولى من الرجال هي سيدة الحاضر ، والفئة الثانية هي سيدة المستقبل . الأولون يحفظون العالم ويزيدونه كما ، والآخرون يحركونه ويقودونه إلى غاية . "
" إن كثيرا من هؤلاء العاديين ، رغم ميلهم الفطري للطاعة ، يمكن أن نلاحظ فيهم نزوةً من تلك النزوات التي نلاحظها في الطبيعة ، ونلاحظها حتى لدى الأبقار ، فإذا هم يحبون أن يحسبوا أنفسهم رجالا من الطليعة ، رجالا " مُدمِّرين" ، وإذا هم يقحمون أنفسهم في الدعوة إلى " القول الجديد" ، صادقين مخلصين من جهة أخرى . وكثيرا ما يحدث لهم في الوقت نفسه أن لا يلاحظوا ولا يعترفوا بأولئك الذين هم مجدّون حقا ، ولكني أعتقد أن هذا ليس فيه خطر كبير ، فما ينبغي لك أن تقلق ، وذلك لسبب بسيط هو أن هؤلاء لا يقطعون شوطا بعيدا في يوم من الأيام ، وفي وسعك طبعا ، من أجل أن تعاقبهم على حماستهم الطائشة ، وأن تردَّهم إلى مواقعهم ، في وسعك أن تجلدهم أحيانا . ولكن هذا كل شيء ؛ بل إنه لا حاجة إلى أن يتولى أحد هذه المهمة ، فإنهم يجلدون أنفسهم بأنفسهم ، لأنهم أناس أخلاقيون جدا ، فبعضهم يجلدون أنفسهم بأيديهم ، وبعضهم يطلبون إلى أقرانهم البشر أن يؤدوا لهم هذه الخدمة . ثم إنهم يفرضون على أنفسهم أنواعا من الكفارات على رؤوس الأشهاد فيكون هذا درسا وعبرةً جميلة . الخلاصة : ليس عليك أن تقلق . ذلك هو القانون ! ."
" يخيَّل إليَّ أن الرجال العظماء حقا لا بد أن يشعروا على هذه الأرض بحزنٍ عظيم ."
" إن المُسيطر الحقيقي ، الذي يجوز له كل شيء ، يقصف طولون بالمدافع ، ويقوم بمذبحة في باريس ، وينسى جيشه بمصر ، وينفق نصف مليون من الرجال في حملة موسكو ، ثم يتملص من القضية في فلنو بجملة تشتمل على التلاعب بالأفاظ ثم تقام له التماثيل بعد موته . كل شيء مباح إذن له! لا، إن أولئك الرجال ليسوا من لحم بل من برونز . "
" نابليون ، أهرامات مصر ، واتر لو ، ثم عجوز مرابية ناحلة سافلة هي أرملة موظف صغير ، تخفي تحت سريرها صندوقا من جلد أحمر . . . كيف يمكن تشبيه هذا بذلك ، كيف يستطيع إنسان أن يبلغ هذا الحد ؟ (...) إلا أن الجمال الفني نفسه يرفض ذلك : " هل يمكن أن يندس نابليون تخت سرير عجوز حقيرة ؟ يا للصغار ! ."
" ليستِ العجوز شيئا ذا بال . العجوز ليستْ إلا خطأ . ولكن القضية ليستْ قضية العجوز . العجوز ليستْ إلا مرضا . . . وقد أردتُ أن أقفز فوق الحاجز وأن أتخطاه بسرعة . أنا لم أقتل كائنا إنسانيا ، وإنما قتلتُ مبدأً ."
" لقد وُهبت لي الحياة مرة واحدة إلى الأبد ، ولن أعرف حياةً أخرى ولا أريد أن أنتظر "السعادة الشاملة" . إريد أن أحيا شخصيا ، وإلا فالأفضل أن لا أحيا البتة . أي عيبٍ في هذا ؟ أنا لم أزد على أن رفضتُ أن أمرَّ بأمٍ جائعة ، قابضا على قروشي في جيبي ، منتظرا تحقق " السعادة العامة الشاملة " ، ومن ذلك أستمد طمأنينة القلب وسكينة النفس ! . "
من الجريمة والعقاب ، ترجمة سامي الدروبي .
...يُتبع باقتباسات الجزء الثاني.
ومضات سيورانية 2
الجنونُ هوَ إقحامُ الأملِ في المنطقِ.
الحساسية للوقت هي الشكل الذائع للخوف.
من لم يعانِ لا يمكن اعتباره قد وجد.
الحقيقة ضلالةٌ منفية في الأبدية.
يطالبنا الناس بأن يكون لدينا مهنة ، كأن الحياة ليست واحدة ، بل وكأنها ليستْ أصعبهنَّ على الإطلاق.
الشعورُ بالمللِ هوَ خُلاصةُ الوجودِ.
إذا كان مجرد القرف من العالَم يمنح القداسة ؛ فلا أعرف كيف يمكن
تجنب إعلاني قديسا.
أن نفصل أنفسنا عن مشاكلنا، أن نجد ملاذنا الأخير في الهذيان.
كلُّ انتحارٍ هو مثير للإعجاب.
أنا أيضا لديَّ أملٌ ، أمل بالنسيان التام.
لا أشواق بداخلي سواء للماضي أو للمستقبل ، والحاضر لا أراه إلا سُما.
لست أعرف ما هو الصواب وما هو الخطأ ، ما المحظور وما المسموح ، لا أستطيع أن أحكم على شيء أو أن أشيد به.
في اليأس لا يعاني أحد من المشاكل الخارجية ، بل من نيرانه وتمزقاته الداخلية.
من غير اللائق أن نقتل أنفسنا بينما هناك كثيرون لنخيب ظنونهم.
بما أنه ليس ثمة خلاص في الوجود ولا في اللاوجود ؛ فالينسحق هذا العالم وكل قوانينه الأبدية متحولا إلى كومة رُكام.
هناك خوف واحد ، لا غير، إنه الخوف من الموت.
الغَرَارَةُ هي الطريق الوحيد للخلاص.
أتمنى لو أن بوسعي أن أشعر بمزيدٍ من المتع، لكن على ما يبدو ماتت كل مشاعري باستثناء اليأس والغَم.
لمَ نسمم أنفسنا بالأوهام الأخلاقية ، بينما ثمة أوهام أخرى أكثر جمالا؟
الرغبات متعذرة التحقق تقود إلى الانتحار بأسرع من الإخفاقات الكبيرة.
لا أستطيع أن أفكر في كوني موجودا دون أن أشعر بالخجل.
أنا و الحياة خطّان متوازيان لا يلتقيان إلا في الموت.
الخدمة الوحيدة التي يمكن أن نطلبها من الآخرين، هي ألاّ يخمنوا كم نحن تعساء.
يمكننا تخيل كل شيء، توقع كل شيء، باستثناء إلى أي حد يمكن أن نغرق.
ألم يتعلم الناس بعد أن زمن ألاعيب الفكر الشكلية قد ولى، وأن العذاب أهم إلى مالانهاية من القياسات المنطقية، أن صرخة نابعة من اليأس أكثر إيحاءً من من كل الأفكار الحاذقة، أن الدموع دوما أعمق وأوثق من الابتسامات؟
-ترجمة شيفا-.