الوطن
في دفاتر إميل سيوران/ Cahiers:
حينَ سُئلَ ديوجين الكلبي عن انتمائهِ الوطني أجاب: أنا لستُ أثينيا، أو يونانيًا، أنا مواطنٌ عالمي.
كلُّ المقتطفات هنا وردت في دفاتر إميل
سيوران ، و هي إما شذرات مستقلة أو مقتبسة من نصوص طويلة، و كلها بترتيبها الزمني،
أول الشذرات هي أقدمها، و كانت على الأرجح في الخمسينات، و آخرها أحدثها.
"أينما ذهبتُ يصاحبني الإحساسُ ذاتهُ بعدمِ الإنتماء، بكوني
غيرُ مفيد ٍ و أحمقَ و دجال، ليسَ بالنسبةِ للآخرين و إنما بالنسبةِ لنفسي: أتظاهرُ
بالإهتمامِ لأشياءَ لا تثيرُ إعجابي حتى، ألعبُ بعضَ الأدوارِ إما جبنًا أو حفاظًا
على المظاهر. لكنني أبدًا لا أعجبُ بشيء، لأن ما يعجبني حقًا بعيدٌ جدًا. لقد طردتُ
منَ الجنة، أينَ سأجدُ مكاني أو وطني؟ لقد سقطتُ و عاودتُ السقوطَ ألفَ مرة،
انفجاراتُ الندمِ ولدَّت ْبداخلي تراتيلَ لا حصرَ لها، كعددِ حباتِ الغبار.
أنا رجلٌ لا وطنَ لهُ على هذهِ الأرض"
" لا يمكنني العيشُ إلا حيثُ أنا موجود - وحيثُ يدعونني غريبًا.
يبدو الوطنُ لي بعيدًا جدًا و لا يمكنُ
العودةُ إليه، تمامًا كالجنةِ الأولى"
" لا أتفاهمُ إلا مع أولئكَ الذينَ لا يملكونَ أيَّ نوعٍ منَ
الوطن، من هنا تقاربي العميق مع اليهود"
" حينَ أتجولُ و أشاهدُ أعينَ المارة، أشعرُ أنني جدُّ بعيدٍ عنهم، هذا الأمرُ كان ليكونَ
بمثابةِ كابوسٍ لي في حياةٍ أخرى. لا تسميةَ تناسبني و تثيرُ إعجابي بكلِّ ما
للكلمةِ من حمولةٍ مباشرةٍ أو مجازيةٍ كتسمية ِ'الغريب'. لم أخلقْ ليكونَ لي وطن.
مسألةُ أن لا يكونَ لي وطنٌ منذُ البداية أو يكونَ لي واحدٌ و فقدته، هي مسألةٌ حسمها القدر"
" ظاهرةٌ جديدةٌ : لم يعدْ هنالكَ شخصٌ بلا وطنٍ بينَ اليهود،
لقد صارَ لهم جوازُ سفر. هذا يشكلُ منعطفًا كبيرًا في تاريخهم. لكن ما تغيرَ هو
فقط وثائقهم الرسمية، وضعيتهم الميتافيزيقية كمغتربين لن تتغيرَ أبدًا"
"...لا أنتمي لهذا العالم، كيفَ يمكنُ إذًا أن أنتميَ لوطنٍ
مُعَيّن؟"
"مكاني ووطني هو كالصوفيينَ تمامًا، ذلك اللاشيءْ الذي يسبقُ
الإله"
... "لا
نشعرُ بالحنينِ إلاّ حينِ نعيشُ مغتربين، لأنَ النوستالجيا تتطلبُ وطنًا مفقودا.
حنيني أنا دينيٌ خالص، في ما يتعلقُ بالوطن، مهما استفحلَ داخلي الشعورُ بفقدانه،
لا أشعر بالحنين إليه"
"...كنتُ
أترجمُ نصوصًا لمالارميه من الفرنسية للرومانية حينَ فكرتُ في لحظةٍ ما في عبثيةِ
و لا جدوى فعلي هذا، في تلكَ اللحظةِ بالتحديد قطعتُ كلَّ صلةٍ بوطني و
لغتي..."
"أنا مطرودٌ منَ النومِ و ممنوعٌ منْ دخوله: اليقظةُ منفى،
الغيبوبة ُ وحدها هي الوطن"
"بلادي
ليستْ وطنًا، إنها جرح، إصابةٌ لا تتركُ أثرًا"
"لستُ
منفيًا، أنا وطنيٌ سابق"
"أدرتُ ظهري للوطن، لكنني ما زلتُ أجرُ بعيدًا عنهُ كلَّ
هواجسي التي غرسها داخلي منذُ ولادتي، بعضها قبلَ ولادتي حتى"
ترجمة وإعداد: Achraf Nihilista
رائع
ردحذفكلام كبير يفوق الوصف
ردحذفكلام كبير يفوق الوصف
ردحذف