مختصر التحلل -9-
إميل سيوران
ذُبُولْ
رُكودُ الأعْضَاءِ هَذَا، ذَلِكَ الإنْشِدَاهُ وَ الجُمودُ اليَقِظُ لِلْمَلَكاتِ العَقلِيّة، تِلْكَ الإبْتِسَامَةُ المُتَحجِرَة ؛- ألاَ تُذَكِرُكَ هَذِهِ الحَالاَتُ فِي الغَالِبِ بِضَجرِ الأَديرَة، بِالقُلوبِ التِي هَجَرهَا الإلَه، بِبَلاَدةِ وَ ُسُخْفِ رُهبَانٍ يَشْمَئِزُونَ مِنْ أنْفُسِهِم أثنَاءَ الوجَد المُنْتشِي لِلْإسْتِمنَاء ؟ حَسَناً، أنْتَ مُجَردُ راهبٍ، وَ لَكِنْ مِنْ دُونِ فَرَضِيّاتٍ إِلَهَيّة، وَ مِنْ دُونِ كِبْرِيَاءِ الرَذِيلَة المُنْعزِلَة . َالدُنْيَا وَ الجَنَّة لَيْسَتَا سِوَى جُدْرَانِ خَلايَاك، وَ فَقَطْ فِي هَوَاءٍ لاَ يُعَكِرُهُ التَنَفُس يُمْكِنُكَ أنْ لا تَكُونَ بِحَاجَةٍ للِصَلاَةِ المُتَضَرِعَة. حِينَ تَجِدُ أنَهُ مَحْكُومٌ عَلَيْكَ بِمُعَايَشَةِ السَاعَاتِ الخَاوِيَّة لِلأبَدِيَّة ُ، المُحِيطُ المُرتَعِشُ لِلرَغبَاتِ المُتَعَفِنَة، وَ التِي هِيَ مَنْبَعُ كُلِ المَسَاعِي إلَى الخَلاَص ؛ تَنْطَلِق ْبِنَفْسِكَ مُهْتَاجًا إلَى قِيَامَةٍ بِلاَ عَظَمَةٍ وَ أبْوَاق، بَيْنَمَا أَفْكَارُكَ (مِنْ بَابِ الحِفَاظِ عَلَى الأبهَة)، لَم تَكُنْ تَتَصورُ سِوَى مَوْكِباً مَلَكِياً مِنَ الآمَالِ غيْرِ الوَاقِعِيّة. ِبرَكَةِ المُعَانَاة، تَمَكَنَتِ الأرْوَاحُ ذَاتَ مَرَةٍ منَ التَحْلِيقِ إلَى عُلَيَائِهَا، وَ لَكِنَكَ الآنَ تَتَجنَبُهَا، تَسْقُطُ مُجَدداً فِي العَالمِ كَالمُلقَى فِي ديرٍ دَاعِر، تَتَرَنَحُ عبْرَ الطُرقَات مُتَأمِلاً أنْ تَنْسَى ْالكَائِنَاتْ، وَ هَلاكِكَ الأَكِيد.
تَأوِيلُ الفَشَل يُولَدُ كُلٌّ مِنَا بحِصَةٍ مِنَ النَقَاء، لَكِنْ مِنَ المُقَدرِ لَهَا أنْ تَفْسُدَ بِالإِتِجَارِ مَعَ الجِنْسِ البَشَرِي، بِتِلْكَ الخَطِيئَة بِحَقْ العُزْلَة. كُلُ وَاحدٍ مِنَا سَيفْعَلُ أيَ شَيْءٍ لَئَلَا يَظَلَ مُلاَزِمًا لِنَفْسِه. النَكْبَةُ الحَقِيقيَةُ لِجنْسِنَا تَكْمنُ فِي الإِنْقِيادِ لإِغْوَاءِ السُقُوط. عَاجِزُونَ عَنْ إِبْقَاءِ أيْدِينَا نَظِيفَة وَ قُلوبِنَا نَقِيَة؛ نُلَوِثُ أنْفُسنَا بِالإحْتِكَاكِ بعرَقٍٍ أجْنَبِي، تَوَاقُونَ لِلتَمَرُغِ فِي القَذَارَة، مُتَحمِسُونَ لِلْوَبَاءِ - لِلإِرْتِمَاءِ فِي وَحْلٍ جَمَاعِي. وَ حِينَ نَحْلُمُ بِبِحَارٍ تَحَولَتْ إِلَى مِيَاهَ مُقَدَسَة؛ نَكُونُ قَدْ تَأَخََرْنَا كَثِيراً وَ فَاتََنَا أنْ نَغْتمِرَ فِيهَا، وَ تَحُولُ حَالَةُ الفَسَادِ المُتَقَدِمَة التِي وَصَلْنَا إِلَيْهَا بَيْننَا وَ بَيْنَ الغَرَقِ فِيهَا ؛ لَقَدْ غَزَا العَالَمُ عُزْلَتنَا، و آثَارُ الآخَرِينَ عَلَيْنَا صَارَتْ غَيْرَ قَابِلَة لِلْمَحْوِ. فِي سِلْسِلَةِ المَخْلُوقَاتِ، وَحْدَهُ الإِنْسَانُ يُثِيرُ اشْمِئزَازًا مُتَوَاصِلاً. النُفورُ الذِي يُثِيرُهُ الحيَوَانُ عَابِر، إنَهُ لاَ يَنضجُ أفْكَارًا، بَيْنَمَا يُلَوِثُ جِنْسُنَا أفْكارَنَا، يَنْقلُ إلَيْنَا مِكَانِيزْمَ الإنْفِصَالْ عَنِ الطَبِيعَة سَعيًا وَرَاءَ تَأكِيدِ ذَوَاتِنَا فِي المُجتَمَعِ كَذَوَاتَ مُسْتَقِلَة وَ مُتَمرِدَة. عِنْدَ نِهَايَةِ أيِ مُحَادَثةٍ، فَإِنَ مِقدَارَ مَا كَانَ فِيهَا مِنَ الكَذِبِ المُنَمَقْ وَ الزَرْكَشَة وَحْدَهُ كَافٍ لإِظْهَارِ مُسْتَوَى حَضَارَةٍ مَا، لِمَاذَا هُوَ مُسْتَحِيلٌ أنْ نَنْدَمَ علَى نَقَاوَةِ الصَحْرَاء، وَ أنْ نَحْسِدَ النَبَاتاتِ أوْ المُنَاجَاةِ الدَائِمَة فِي عَالَمِ الحَيَوانْ ؟
إذَا كُنَا معَ كُلِ كَلِمةٍ نُحرِزُ نَصرًا علَى العَدَم ؛ فَلِأنَ لاَ وَسِيلَةَ أخْرَى لِنَتحمَلَ هَيْمنَتهُ. إنَنَا نَموتُ بمِقدَارٍ يَتنَاسَبُ مَعَ مِقدَارِ الكَلِماتِ التِي نَقذِفُهَا حَولنَا.. الذِينَ يَتكلَمُون ليْسَت لدَيهِم أيَةُ أسْرَار، وَ كُلنَا نَتَكلمْ. إنَنَا نَخُونُ ذَوَاتنَا، نُعَرِي قُلوبَنَا، جَلاَدُو اللاَمُعَبرِ عنْه، كلُ وَاحدٍ مِنَا يَكدَحُ فِي تَدْميرِ أيَةِ أسْرَار، بَادِئينَ بِأسْرَارِنا الخَاصَة. وَ إذَا كُنَا نَلْتقِي بِالآخَرِين ؛ فَلِكيْ نَنحَطَ بِأنفُسِنَا سَوِيَةً فِي سِبَاقٍ علَى الخَوَاء، سَواءٌ فِي تَبادُلِ الأفكَارِ، الدَسَائِس، أوِ الإعْتِرافَات. لَقدْ اسْتَحثَ الفُضولُ ليْسَ سُقوطَنَا الأوَلَ فَحسْب بَلْ سُقوطَنَا فِي كُلِ يَومٍ مِنْ أيَامِ حَياتِنَا التِي لاَ تُحْصَى. ليْستِ الحيَاةُ سِوَى الإسْتِعجَالُ لِلسُقوط، لِهَتكِ عُذرِيَّة الرُوح فِي دَعَارةِ الحِوَار، تَنَكرٌ سِرْمدِيٌ وَ يَوْمِيٌ لِلْجنَّة. علَى الإنْسَانِ أنْ لاَ يَستَمِعَ إلاَ لِنَفسِهِ مُصْغِيًا لِلنَشْوَى اللاَمُتنَاهِيّة لِلْكلِمَةِ التِي لاَ تُشَارَك، أنْ يَبْتدِعَ كَلِماتٍ لِصَمتِهِ الدَاخِليْ، أنْ لاَ يَسْتَجيبَ إلاَ لِأصْواتِ نَدمِهِ وَ حَسَراتِهِ. لَكِنهُ ثَرْثارُ الكَون، إنَهُ حتَى يَتكلَمُ بٱسْمِ الآخَرِين، عَاشِقٌ مُولَهٌ بصِيغَةِ الجَمْع. كُلُ منْ يَتَكلَمُ بٱسْمِ الآخَرِين هُوَ دَائِمًا دَجَال. السِيَاسِيُون، المُصلِحُون، وَ كلُ منْ يَسْتنِدُ علَى ذَرِيعَةِ الجَمَاعَة هُوَ مُحْتال. وَحْدهُ الفَنانُ كِذْبتُهُ ليْسَت كَامِلَة، إنَهُ يَفْترِي علَى نَفْسِهِ فَقَطْ. خَارِجَ الإسْتِسلاَم لِللاَمُشتَرَكِ الدَاخِلِيّ، لِأَحضَانِ التَوقُفِ المُؤَقتِ لِقَلقِنَا وَ مَخاوِفِنَا البَكْمَاء وَ المَترُوكَةِ بِلاَ عزَاء ؛ فَالحيَاةُ ليْسَت سِوَى مُشَاجرَةٍ علَى حَدُودِ أرْضٍ غيْرِ مُرَسَمَة، وَ ليْسَ الكوْنُ سِوَى هَنْدَسَةٍ مُصَابةٍ بالصَرْع..
(1) - المقصود هو الشاعر الإنجليزي بيرسي بيش شيلي
من : Précis de décomposition
ترجمة : Shiva Okleh
تدقيق لغوي وتشكيل : Mohammed Daamach
مرحبا
ردحذفهل هناك عدمي غير مستنير مثلا ؟