مختارات من آرتور رامبو
آرتور رامبو
يوم بؤس! إبتلعتُ -كأسا- جرعةً من السمّ قوية. سعارُ اليأسِ يدفع بي في وجه كلّ شيء : الطبيعة ، الأشياء ، أنا نفسي ،هذا كلّه الذي أريد ُ أنا تمزيقه. بوركتْ ثلاثا النصيحةُ التي بلغتني. الأحشاء -أحشائي- تُحرقني، عنفُ السم يلوي أعضائي، يشوهني. أموتُ عطشا. أختنق. لا أقوى على الصراخ. إنها الجحيم ، العذاب الأبديّ. هي ذي النار تتجدّد. إمض أيها الشيطانُ، لتذكيها. إنني أحترقُ كما ينبغي -جيدا-. إنها جحيمٌ طيبةٌ ، جحيمٌ -طيبةٌ وجميلة-.
إحساس
في أُمسيات الصيفِ الزُّرقِ ،سأمضي عبرَ الدروب،
موخوزا بالقمح ، سأدوسُ على العشبِ النّاعم:
حالما، سأُحس بنداوته على قدمَيّ.
سأدَع الريحَ تغسلُ رأسي العاري.
لن أتكّلمَ، ولن أفكّرَ بأيِ شي:
لكنّ الحبَّ غيرَ المنتناهي سَيتصاعدُ في روحي،
وسأمضي بعيدا، بعيدا جدَّا، كمثْلِ بوهيميّ،
عبرَ الطّبيعة- سعيدا كما لو معَ امرأة.
أغنية البُرج الأعلى
حسبتُ أنّني عثرت على العقل وعلى السعادة. كنتُ أُبعدُ السماء، اللاّزورد ، الذي هو من ظلام ، وأعيشُ ، شرارةً ذهبية ًمن نورٍ طبيعيّ. كان ذلكّ جادا تماما. كنتُ أُعبّرُ -بأكبر- بلاهةٍ ممكنة.
من خاتمة الهذيانات:
(...) كنتُ أُعوّدُني على الهلوسة البسيطة : أرى بصورةٍ صريحة ٍ مسجدا في محل معملٍ، ومدرسةَ طبالين بناها ملائكةٌ ، وعرباتٍ في طرُق السّماء، وصالونا في قاع بحيرةٍ ؛ -كنت أرى- الأسرارَ والمسوخَ ؛ وكان عنوانُ تمثيليةٍ ترفيهةٍ ينشرُ الرّعبَ أمامي.
ثم ، بمعونة هلوسةِ الكلماتِ، كنتُ أُفسرُ سَفسَطاتي السّحرية!
وانتهى بي الأمرُ إلى أن أجدَ فوضى فكري مقدسة. كنتُ مُتبطلا، وفريسة حمّى ثقيلة: أحسدُ غبطةَ الحيوانِ، السُّرفات التي تمثل براءةَ اليمابيسِ، والخلُدِ -التي هي- رقادُ البكورة!
راح طبعي يشتدّ. كنتُ أُودّع العالم في ضروبٍ من أغانٍ عاطفية.
صارتْ عافيتي مهدّدة. أقبلَ الهولُ. رحت أسقطُ في النّوم أياما عديدةً، ولدى الاستيقاظِ أواصلُ أكثرَ الأحلامِ اكتئابا. كنتُ ناضجا للوفاةِ، وعبرَ دربٍ محفوفٍ بالمخاطرِ قادني ضعفي إلى تخومِ العالَمِ ، إلى سيميريا، موطنِ الظُلماتِ والدوّمات.
كان علىّ أن أسافرَ، وأن أُبددَ آثارَ السّحرِ المحتشدة على دماغي. على البحر، الذي كنتُ أحبُّه كما لو كانَ سَيغسلني من دَنَسٍ،رأيتُ منصِبا الصّليبَ المُعزّي. رجمني قوسُ قزح. كانتِ السعادةُ قّدّري ، ندَمي ، دودتي النّاخرةَ : دائما ستكونُ حياتي أوسع من أن أُكرسها للقوّةِ والجّمال.
........
متفرقات:
مهزلةٌ متواصلةٌ! لسوفَ تُبكيني براءتي. الحياةُ هي المهزلةُ التي ينبغي أن يُمثلَها الجميع.
أسَأُخطفُ كمثلِ طفلٍ، كي ألعبَ في الفردوس ناسياً الشقاءَ كلّه!
ينبغي أن يكونَ لي جحيمي للغضب، وجحيمي للكبرياء ، وجحيمٌ للمُداعبة، جوقة جَحيمات.
كم أتحوّل إلى عانسٍ بافتقاري إلى شجاعةِ محبةِ الموت ! .
كنتُ من الضّعفِ بحيثُ حسبتُني غيرَ قابلٍ للاحتمال بعدُ في المجتمعِ إلاّ بقوّة يا للــ [بؤس الشّفقة]. أي دَيرٍ يمكن أن يستقبلَ هذا القرَف الجميل؟
لديَّ (...) جميعُ الرذائلِ ، الغضَبُ ،والفجورُ ؛ - رائعٌ هو الفجورُ ؛ - وخصوصًا الكسَلُ والكذِب.
آرتور رامبو
الآثار الكاملة - ترجمة : كاظم جهاد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق