الخميس، 8 سبتمبر 2016

كلُّه نكتة كونيّة جلسة مع الحقيقة (ساتسانغ) لروبرت آدمز









كلُّه نكتة كونيّة
جلسة مع الحقيقة (ساتسانغ) لروبرت آدمز





روبرت آدمز



مقدمة
"إنَّ الفردَ واعٍ ولا يمكنُ له أنْ يكونَ منْ دونِ وعي. الذَاتُ المطلقةُ وعيٌ خالص؛ إلاّ أنَّ الإنسانَ يعرِّفُ نفسَه بالجسد، رغمَ أنَّ الجسدَ غيرُ واعٍ. لا يقول الجسدُ غيرُ الواعي "أنا الجسد." ثمةَ شيءٌ آخرُ يقولُ ذلك، وهو ما لا تقوله الذَّاتُ المطلقةُ أيضًا. مَنِ الّذي يقولُ ذلك إذن؟ إنَّها "أنا" زائفةٌ تبزغُ بينَ الوعيِ الخالصِ والجَّسدِ اللاواعي، والّتي تتخيَّلُ نفسَها مربوطةً بالجسد. تقصَّ هذا وسوف تنقشعُ كسراب. ذلك السّرابُ هو الأنا أو الفرديَّة. الحالةُ الظاهرةُ حاليًا محضُ وهم. ببساطة، يجبُ أنْ يكونَ هدفُنا حذفَ هذا الوهم."
هكذا يتكلمُ رامانا مهارشي، أحدُ أعظمِ المعاصرينَ الَّذينَ يمثلونَ حكمةَ أو تقليدَ جِنَانِيْ. يواصلُ روبرتْ هذا التّقليدَ شارحًا أنَّ العالَمَ يبزغُ مع خاطرةِ أنا، أو الذَّات الفرديَّة. عندما ننامُ نكونَ الوعيَ المطلقَ نفسَه. لكنَّنا لا نتذكرُ هذهِ الحالةَ السَّامِيَّةَ في أثناءِ حالةِ الصحو؛ ففي حالةِ الصحوِ تتقلَّدُ الأنا الزِّمَامَ وتتعرَّفُ بالجسدِ المسمى بفريد أو سام أو إد؛ وتسقطُ عالمًا مِنَ الظّواهرِ ومنَ الخداعِ ومنَ التطوُّرِ ومنَ الحياةِ الموت. لكنَّ حالةَ الصحوِ مثلُ حالةِ الحُلم، عبارةٌ عنْ تمظهرٍ داخلَ الوعيِ المطلقِ الّذي هو حالتُكَ الأصليَّة. يقول روبرت انسَ العالَمَ واعرِفْ ما الّذي يجري قبلَ الولادةِ و أثناءِ المَوت.
لكن منْ سيستمعُ إلى الرَّجلِ المجنون الّذي يقولُ إنَّكَ غيرُ موجود؟ وحدَهم أولئك الَّذين تخلَوا عنْ حُلمِهم الفاني وتاقوا إلى الرَّاحةِ في المطلق.
تراوحَتْ جلسةُ روبرت الرُّوحيَّة (الساتسانغ) بين الجِديَّة التَّامةِ والمُزاحِ التَّام. إلاّ أنَّ الفَهَمَ الشَّامِلَ نفسَهُ كانَ حاضرًا دومًا، أحيانًا مخبأً في المزحة، وأحيانًا مخبأً في الجِديَّة. قال: "مَنْ كانَ ليحضر لو أنّي تحدثتُ بالحقيقةِ الأسمى وحدها؟" ومع ذلك، فإنَّ الحقيقةَ الأسمى بزغتْ بلا شكٍّ خلالَ هذا الساتسانغ. استندْ إلى نفسك. اسكنْ نفسكَ وسيُكشف كلُّ شيءٍ. أنْ تحاولَ فَهَمَ الذَّاتِ المطلقةِ عبرَ الفكرِ أمرٌ مستحيلٌ؛ لأنَّ العقلَ مجرَّدُ انعكاسٍ واهنٍ للذاتِ المطلقة. لنْ يكشفَ التَّخمينُ الذَّاتَ المطلقةَ بلْ سيزِيدُها غموضًا. توجدُ الذَّاتُ المطلقةُ في السُّكونِ التَّامِ الّذي يصعبُ إيجادُه؛ لهذا حضورُ مُعلِّمٍ مقيمٍ في الذَّاتِ بشكلٍ دائمٍ أمرٌ في غايةِ الأهميَّة. إنَّ الصَّمتَ بدايةُ ونهايةُ البحثِ الحقيقيِّ وهو نفسُه الاستنارةُ والنيرفانا.
-- إد ميوزيكا

روبرتْ:
لا توجدُ غايةٌ مؤكدةٌ لكونكَ حيًّا. فكّرْ مليًّا. لا توجدُ غايةٌ مميَّزةٌ أو حقيقيَّةٌ لكونكَ حيَّا. لماذا أنتَ هنا على أيّة حال؟
ما الّذي فعله الإنسانُ على هذهِ الأرض؟ ما الّذي حقَّقه الجنسُ البشريُّ حتى بقديسيه وحكمائه؟ جاءتْ حضاراتٌ ورحلت، وأينَ نحنُ الآن؟ نعتقدُ أنَّنا مهمون. مَنْ نعتقدُ أنفسنا؟ نولَّدُ، نختبرُ أشياءَ عديدةً، نعملُ، نجني الكثيرَ منَ المالِ ربما، ثمَّ نشيخُ ونموت. إذنْ ما الغايةُ الحقيقيَّةُ مِنْ هذا كلِّه؟ ليس ثمة غاية.
نحنُ لا شيء. ليس لديكَ أيُّ سببٍ لتكونَ موجودًا. في الواقع، أنتَ غيرُ موجودٍ. (يضحك الحضور) لم توجدْ حقًا قطَ. كلُّهُ نكتةٌ كونيَّة. ما مِنْ عِلَّةٍ وراءَ أنْ تكونَ حيًّا وتكونَ هنا. قد يبدو الأمرُ إهانةً- إنَّه كذلك! (المزيد من الضّحك) لكنَّها الحقيقةُ والحقيقةُ مؤلمة.
قَدْ تظنُّ أنَّكَ مهم، أنَّك جئتَ إلى الأرضِ لتحقِّقَ غاياتٍ عظيمةً، أو لتستنير. هذا غيرُ صحيح. الاستنارةُ حاضرةٌ هنا سلفًا ولا تحتاجُك. أنتَ غيرُ مرغوبٍ فيه مِنْ قِبَلِ أيِّ شيءٍ أو أيِّ أحدٍ. (يضحك الحضور) أنتَ فشلٌ ذريع. (ضحك عالٍ)
في الحقيقةِ لا يوجدُ -أنت-. يجعلكَ وهمُ وجودكَ تعتقدُ أنَّكَ مهم، أنَّكَ أحدٌ ما. لهذا نتحدث كثيرًا عن كونكَ لا أحد؛ ليس ثمة أحد. ومع هذا، لا يهمُ كم مرَّةً أقولُ هذا؛ فأنتَ تظهرُ على أنَّك حقيقيّ، تظهرُ على أنَّكَ أحدٌ ما. تظهرُ على أنَّكَ تذهبُ إلى العمل. تظهرُ على أنَّك تأكلُ وتنام، وتومن بأنَّ هذا الوهمَ سوف يستمرّ. لكنْ كما تعلم، قريبًا سوف تكونُ ستةَ أقدامٍ تحتَ الأرض.
إذنْ ما جدواك؟ لهذا مِنَ المهمِ أنْ تستيقظ. ومع ذلكَ لستَ نائمًا أبدًا! مَنْ يستيقظُ إذنْ؟ ولهذا لا شيءَ مهم. لكنَّكَ تعتقدُ أنَّ بعضَ الأشياءِ مهمةٌ، وما دمتَ تعتقدُ أنَّها مهمةٌ، فأنَّكَ تمنحُها القوَّة، مُدَعِمًا بذلكَ قوَّةَ الحياةِ في الأشياء؛ ممّا يجعلكَ تشعرُ أكثرَ فأكثر بأنَّك- كما يقالُ- حيًّا-.
بدايةُ الحكمةِ هي فهمُ أنَّه لا توجدُ حكمة. لا يوجدُ أحدٌ لتكونَ له الحكمة. كلَّما حاولتَ تحليلَ الأشياء، وكلَّما استعملتَ دماغكَ أكثرَ لتتحركَ وتنتجَ في هذا المستوى مِنَ الوجود، زادَ تورطكَ بالمايا والخواءِ والوهمِ والجَهدِ المحكومِ بالإخفاق. كلُّ أحلامكَ وتطلعاتكَ تؤولُ للاشيء. ليس ثمة شيءٌ عليكَ أنْ تصبحَهُ أو تكونَه.
فكِّرْ بكلِّ النَّاسِ الَّذين يبحثونَ عنِ التحرُّر، عنِ الاستنارة. مَنْ يريدُ أنْ يتحرَّر؟ الأنا. لا يوجدُ أنا (يضحك الجمهور) لا يوجدُ أحدٌ ليتحرَّر. ومع ذلك تستمرُّ بالإيمانِ بأنَّكَ موجود.
تذكَّرْ، أبدًا لا تضعْ حليبَ الأسدِ في وعاءٍ مِنَ الطّين. (صمت طويل...) إذنْ لمَ أنتَ هنا؟ تريدُ تعاليمَ. تريدُ درسًا. تريد مانترا. أنتَ تبحثُ عَنْ مخرج. كلُّ هذا البحث والالتماس يدعُكَ في الخلف. لا يمكنه ملؤك. لا يفعلُ لكَ شيئًا. الاستيقاظُ نكتة. التحرَّرُ نكتة. جلوسي هنا وتحدثي إليكَ نكتة. لا يوجدُ شيءٌ لإيجاده، لا شيءَ لتحقيقِه، لاشيءَ لتصبحه. أنتَ متشبِّثٌ بعقلكَ ومعتقداتهِ الزَّائفة.
باستمرارٍ يحاكمُ ما يسمَّى العقلَ الأشياءَ ليحكُمَ عليها بأنّها جيدةٌ أو سيِّئة، صحيحةٌ أو خاطئة، وتتفاعلُ أنتَ معَ الأحكامٍ خالقًا المزيدَ مِنَ المشاكل؛ مُكَبِلًا نفسكَ بالوهمِ بشكلٍ أكثرَ إحكامًا.
ألنْ يكونَ جميلًا لو استيقظتَ ذاتَ صباحٍ واكتشفتَ أنَّكَ غير موجودٍ، أنَّكَ لم توجدْ قطّ وأنَّ أحدًا غير موجود؟ ليس ثمة وجودٌ البتَّة. أيُّ دورٍ سيكوُن لكَ عندها؟ ما دمتَ تعتقدُ بأنّكَ موجود، فإنَّكَ ستدافعُ عنْ نفسِك. ستكافحُ منْ أجلِ البقاء. ستسعى خلفَ الحكمة. هذا كلُّه مضحكٌ بالنَّسبة لي.
حتى عندما أقولُ لك أن تستيقظ، لا يوجدُ أحدٌ ليستيقظ حقًا. إنَّ أحدًا لم ينمْ أحدٌ على الإطلاق. مَنْ ينام؟ قد تقول، "الجسد ينام"، أو "العقل ينام"، لكن لا يوجدُ جسد، وُلا يوجد عقل. لم يوجدا قطّ. كلُّ التعاليمِ التي مررتَ بها كانتْ مضيعةً للوقت: بذلُ الجهودِ وجوبُ العالَمِ كلِّه بحثًا عن معلمين، قراءةُ المخطوطاتِ-لأيَّةِ غاية؟ لماذا تظنُ أنَّكَ تحتاجُ هذه الأشياء؟
كلُّ ما تحتاجُ فعله هو فهمُ عمّا أتحدث. تفكَّرْ فيما أقولُ ثمَّ انسه. لا تتمسَّكْ بالأفكارٍ أو الكلماتِ أو التعاليم. (يصفر عصفور باستمرار في الخلفيّة) سببُ تصفيرِ العصفورِ على نحوٍ جميلٍ هو عدمُ درايته بأنَّه عصفور. ليس لديه أيَّةُ فكرةٍ عمّا يكون. نحنُ نعطيه اسمًا، "عصفورًا". إنّنا نطلقُ أسماءً على كلِّ شيءٍ. هذه الأشياءُ موجودةٌ فحسب. هي ليستْ هنا، هي ليستْ هناك. هي ليستْ جيِّدة، هي ليستْ سيِّئة. الأمرُ نفسُه ينطبقُ عليك. أنتَ لستَ هذا أو ذاك، أنتَ موجودٌ فحسب. لا يوجدُ شيءٌ عليكَ فعله على الإطلاق.
فكِّرْ بكلِّ السَّنواتِ التي قضيتها في الدراسة. إلى أينَ ستقودُ كلُّها؟ قد تكونُ غیریًا وتومنُ بأنَّكَ تفعلُ الخيرَ في العالَمِ ومن أجلِ مستقبله، لكنْ ليس للعالَمٍ مستقبل. لم يكن له قطّ؛ و لن يكون له أبدًا. لقد جاءتْ آلافُ الحضاراتِ ورحلتْ، حتى تلك الّتي تفوَّقتْ إلى حدٍ ما، وأينَ نحنُ الآن؟ لقد رحلتْ كلّها. ما أقوله هو إنَّكَ لا تستطيعُ فعلَ الخيرِ لأيِّ شخص. كل شيء هو صوابٌ على ما هو. لا شيءَ في العالَمِ يحتاج إلى إصلاح. تظهرُ فكرةُ الإصلاحِ في عقلك، وتحاولُ وتحاول بلا طائل.
عليك أن تَعْرِفَ نفسَكَ كلاشيء، لا كشيء. تذكر دومًا أنَّ ليسَ ثمة شيءٌ عليكَ فعله على الإطلاق. هكذا تصبحُ سعيدًا، هانئًا. عندما يكونُ العقلُ خاليًا، تتعاظمُ السَّعادة.
استيقظْ منْ هذا الحُلمِ الفاني. مَنْ عليه أنْ يستيقظ؟ سَلْ نفسَك. لا أحد، لا شيءَ ليستيقظ. هل ترونَ لماذا لا يوجدُ شيءٍ ليقالَ حقًا؟ يمكننا أنْ نلعبَ جميعَ أنواع الألعابِ من التسابيحِ المختلفةِ وتقنياتِ التانترا- إلامَ سينتهي هذا؟ اعرِفْ فقط أنَّكَ لا أحد؛ لا يوجدُ شيءٌ لفعله على الإطلاق؛ لا أحدَ موجود. هذا يحرِّركَ مِنْ كلِّ شيءٍ. إنّه يحرِّركَ منْ كلِّ المسؤولياتِ تجاه نفسك وتجاه العالَم.
لنْ تستحيلَ إلى نبتةٍ لو كنتَ تستمعُ إليَّ بشكلٍ صحيح. ستفعلُ كلَّ ما تفعله الآنَ لكنَّكَ ستكونُ سعيدًا أكثرَ ممّا كنتَ في حياتكَ على الإطلاق؛ لأنَّكَ ستدركُ أنّه لا يهم. ستفهمُ أنّ لا أحدَ يفعل أيِّ شيءٍ حقًا. سيتابعُ أغلبكم أعمالَهم المعتادةَ إذا أرادوا. سيبدو أنَّكَ تعيشُ وجودًا إنسانيًا، لكنْ لنْ يظلَّ أحدٌ حقًا ليقومَ بأيِّ شيء. لقدْ رحلَ الفاعلُ. ليس ثمة فاعل. لقد تمَّ محوُّ الفاعلِ تمامًا.
ما يزالُ بعضكم يعتقدُ أنَّه لو أصبحَ هكذا فإنّه سيغدو ساخرًا للغاية وشرسًا، أنَّك لنْ تبالي أو تكونَ محبًّا ولطيفًا، لكنَّ هذا غيرُ صحيحٍ. على العكس تمامًا، عندما تتخلى عنْ كلِّ شيءٍ، عندما تتخلى عنْ كلِّ أفكاركَ المُسبقة، دوغمائيتك، عندما تنسى كلَّ طقوسكَ وكلَّ الأشياءِ التي كنتَ تفعلها طوالَ حياتك؛ عندها يبدأُ ما نسمِّيه "الحبَّ" بالعملِ منْ خلالكَ. ما نسمِّيه حنوًا يعملُ منْ خلالك. معايشةُ اللطافة، السَّلام- ستأخذُ هذه الخِصال مكانها تلقائيًا؛ لأنك فقدتَ كلَّ المخاوف. عندما تفقدُ كلَّ خوفٍ منَ الوجود، سيتولى الحبُّ القيادَ تلقائيًا.
ما دمتَ تخافُ الوجود وتعتقدُ أنَّ هناكَ خطبًا في مكانٍ ما، يخلُّقُ العقلُ كافةَ أشكال الصور، وسيتحتمُ عليكَ التقدمُ للدفاعِ عنْ نفسِك.
حان وقتُ اللّعب، أبهروا الغورو. (يشير إلى فقرة سؤال وجواب الّتي تلي حديث روبرت)
سؤال: لقد قلتَ إنّنا نخلِّقُ الحُلمَ في كلتا حالتي النَّومِ والصحو. في الأربع والعشرين ساعةً الأخيرة بدأتُ أعيشُ ذلك، لا معرفةً فكريّةً فحسب، بل رؤيةُ أنَّ كلَّ شخصٍ في حياتي هو أنا حقًا. هذا محرِّرٌ تمامًا. شكرًا.
جواب: على الرَّحبِ والسَّعة، هذا ليس إبهارًا. فلننتقلْ إلى القضيَّةِ التّالية.
سؤال: كيفَ تشيرُ إلى اختفاءِ الكونٍ كلِّه بينما ينامُ المرء، ألا تعني بالنِّسبةِ له أو لها فقط؟ يمكنُ لشخصٍ آخرَ أنْ يدخلَ ويراكَ نائمًا، ربما قِط. نفسُ الكونِ الّذي شَهِدَهُ الشَّخصُ النائمُ أو خلقه، هل منْ تعليق؟
جواب: كيفَ تعلمُ أنَّ هذا يحدثُ عندما تكونُ نائمًا؟ عندما تكونُ نائمًا لا تعي أيَّ شيءٍ. تقولُ إنَّه قد يدخلُ قِطٌ أو شخصٌ آخر ويراكَ وأنتَ نائم، إنَّ الحياةَ تستمرُّ بينما تنام. لكنَّكَ لا تعلمُ هذا. قد يقولُ لكَ البعضُ إنّهم قدموا بينما كنتَ نائمًا، لكنَّ الشَّخصَ الظاهرَ يقولُ لكّ ذلك عندما تكونُ في وعي اليقظة، والّذي هو نفسُه عالَمٌ منَ الأحلام. هل تدعُ الأشخاصَ النائمين يخبرونك ما الذي يجري حقًا في عالَمِ يقظتك؟
مَنْ هناك ليقولَ لكَ ما الّذي يجري عندما تكونُ نائمًا؟ عندما تكونُ في حالةِ النَّوم العميقِ فأنتَ ميِّت. لا يوجدُ كون. أنتَ خارجه تمامًا. القِطُ الّذي يدخلُ أو الشَّخصُ الّذي يدخل ليسا موجودين بالنِّسبة لك. أنت غائبٌ عنْ هذا العالَمِ عندما تكونُ نائمًا. هكذا يظهرُ الموت. عندما تقرِّرُ مغادرةَ جسدك، لا ينفكُّ النَّاسُ عنِ القيام بأعمالهم، لكن لا علاقَة لهذا بكَ إطلاقًا.
كلُّ ما تراه هو حُلمك. خلال النَّومِ العميقِ أنتَ وراءَ الأحلامِ ولا شيءَ يحدثُ لك. خلالَ الأحلامِ تخلقُ عوالمَ جديدةً تحوي كافة أشكالِ البشرِ والحالات. عندما تستيقظُ في هذا العالَم، يظهرُ لكَ حقيقيًّا. عندما تعاودُ النَّوم، لا تحلمُ بهذا العالَمِ ولا تكونُ مستيقظًا فيه. يختفيان كلاهما. ليسا موجودين ولم يوجدا قطّ. .
الفرقُ بينَ الحكيمِ والشَّخصِ العاديِّ هو أنّه لا يوجدُ حلمٌ يجري في كِلا العالمين بالنِّسبة للحكيم. ليس ثمة عالَمُ أحلام؛ ليس ثمة عالَمٌ يقظة، والّذي هو أيضًا عالَمُ أحلام. يرى الحكيمٌ هذا بوضوحٍ- يوجدُ المطلقُ فحسب ولا شيءَ آخر. تمرُّ بهذه التجربةِ كلَّ ليلةٍ عندما تدخلُ النَّومَ العميق؛ لكنّكَ لا تكون واعيًا النَّوم العميق. الحكيمُ مستيقظٌ في حالةِ النَّومِ العميق، الحالةُ الرّابعة. حالتا الحلمِ واليقظةِ ليستا حقيقيتين كلتيهما. خلالَ الَّنومِ العميقِ أنتَ في الحالةِ الرّابعة، الوعيُ الأوليّ، لكنَّك لا تعيه. الحكيمُ واعٍ بتلك الحالةِ دومًا مهما بدا أنَّ حالةً تتظغى عليها. ولهذا يقالُ إنَّ الجِناني ينامُ الحُلمَ المُعاش.
- ملاحظة المحرّر هذه إجابة رامانا مهارشي عن سؤالٍ مشابه- : 

"النَّوم والحُلمُ واليقظةُ هي مجرَّدُ ظواهرَ تتبدَّى على الذَّاتِ المطلقة، والّتي هي مستقرةٌ كوعيٍ مجرَّد. تُؤخذُ حالةُ اليقظةِ على أنّها مليئةٌ بأشياءَ جميلةٍ ومثيرةٍ، ويجعلُ غيابُ تلك الأشياء المرءَ يعتقدُ أنَّ النَّومَ خاوٍ. ما تعتبره عالمًا مليئًا بأشياءَ مثيرةٍ هو الخاوي وحالةُ الجهلِ بالنِّسبة للجِناني. إنَّ الحكيمَ هو ذاك المستيقظُ كليًّا بينما الآخرون محكومونَ بالظلمةِ وحدها.ثمة استمراريةُ وجودٍ في كلِّ منَ الحالاتِ الثلاث، لكنْ ليس بالنِّسبة للفردِ والأشياء. ذلك الّذي يستمرُّ ثابت؛ أما ذلك الّذي المتقطع عابر. ولهذا فإنَّ حالةَ الوجودِ دائمة، بينما الجسدُ والعالَمُ ليسا كذلك."
سؤال: هلاّ تحدثتَ عنْ أهميَّة المعلِّمِ لإدراكِ الذَّات، وكيفَ تعملُ العلاقةُ بين المعلِّم والتلميذ؟
جواب: في الحقيقةِ المعلِّمُ هو نفسُك. لقد خلقتَ معلِّمًا ليوقظك. ما كان المعلُّمُ ليكون هنا لو لم تكن تحلمُ بالمعلِّم. لقد خلقتَ معلِّمًا في عقلك ليوقظك وترى أنّهَ ليس ثمة معلَّم، لا عالَم، لا إله- لا شيء. لقد فعلتَ ذلك كلّه بنفسِك.
تهانينا!
إنَّ هذا حُلمك. أمامكَ معلِّم، شارحًا لكَ كلَّ هذه الأشياءِ، قائلاً لك إنَّ عليك أنْ تستيقظَ إنْ عاجلًا أم آجلًا. لو ذهبتَ أبعد، سترى، أنّك في الحقيقةِ مستيقظٌ فعلًا، وعندها سيختفي الباقي.
بينما يحدثُ هذا ثمة علاقةٌ بين المعلِّمِ والتلميذ. أنتَ تلعبُ لعبةَ خلقتها بنفسِك. تخلُقُ معلِّمَا ليوقظك؛ لكنّك مستيقظٌ أصلاً ولا تدركُ ذلك. يعطيك المعلِّمُ تعاليمَ، يعطيكَ بركة، ويدعكَ تفهمَ أنَّكَ مستيقظٌ أصلًا وفي سلام. بالمقابل تعتني بالمعلُم. إنّها لعبةٌ تبادليَّة. إنَّها لعبتك، إنَّه حُلمك. لذا استيقظِ الآنَ وكنْ حرًّا.



ترجمة: Abderezak Belhachemi






هناك تعليقان (2):